المصدر الرئيسي للمقالة: الدليل الارشادي لإعداد وثيقة وقف – اصدار شركة استثمار المستقبل متخصصون في الأوقاف والوصايا ( رابط الدليل )
في سلسلة بناء وثيقة الوقف تم حديث عن (أنواع الأعيان الموقوفة وصور وقفها وضبطها) وكذلك توضيح (أنواع المصارف وطريقة ضبطها) و (أنواع النظار على الوقف) في المقالات السابقة ، وهنا في هذه المقالة سيتم الحديث عن أنواع وأشكال النظارة على الوقف
التوثيق:
تعريف التوثيق:
التوثيق: مجموعة الإجراءات التي تَكفُل إثبات الحقِّ على وجه يَصِح الاحتجاج به، وَفْقًا لأحكام النِّظام([1])، وتوثيق الوَقْف هو تدوين ثبوت الوَقْف أو تسجيل إنشائه على وجه يُعتَدُّ به شرعًا ونظامًا([2]).
مقاصِد التوثيق:
- حِفْظ الوَقْف من الضَّياع مع مرور الأيام وتعاقُب السنين، وقطع الأطماع الحاملة على الاستيلاء على الوقف وإنكاره، والأخذ بأقوى الصِّيَغ لتخليده وتثبيته.
- استيفاء الشروط والصفة النظامية الحافظة للوَقْف وصيغته، ويثبت هذا عند الجهة المختصَّة.
- دَفْع الارتياب والشُّكوك مع مرور الأيام والزَّمان حَوْل مصارف الوَقْف وشروطه، وإبعادًا له عما يجعله ناقصًا من حيث شروطه وأركانه، وقَطْعًا للنِّزاع وإصلاح ذاتِ البَيْن بين ورثة الواقف والموقوف عليهم([3]).
أنواع التوثيق:
أولًا: التوثيق الخاص: وهو التوثيق عند غير الجِهة المختصة بالتوثيق نِظامًا، وقد يجري ذلك أحيانًا بسبب العجَلة بالوَقْف، أو الاستثقال والتخوف من مآلات وتعقيدات الإجراءات الرسمية، أو بسبب الحرص على السِّريَّة، أو بسبب الحالة الصحية للموقف وغير ذلك.
والتوثيق الخاص يأخذ عدِةَّ أشكال، ومنها:
- التوثيق بإقرار الموقِف بخطِّه: ويكون ذلك عبر كتابة الواقف بنفسه، ويُوقِّع على الوثيقة أو يكون عبر الإملاء، ثم التوقيع على المكتوب بإثبات الوَقْف، ومتى ما ثبَت أن الخط خطه أو التوقيع توقيعه كان حُجَّة عليه وعلى ورثَته من بَعْدِه ولو خلَت من الإشهاد؛ لأنه توثيق لإقرار بخطِّه، قال ابن قُدَامةَ: “نص أحمد على هذا في رواية إسحاق بن إبراهيم فقال: مَن مات فوُجِدت وصيَّتُه مكتوبة عند رأسه، ولم يشهد فيها، وعُرف خطُّه، وكان مشهور الخط؛ يُقبَل ما فيها”([4])، وقال ابن تيمية: “وتُنفَّذ الوصية بالخط المعروف، وكذا الإقرار إذا وُجد في دَفْتره وهو مذهب الإمام أحمد”([5]).
- التوثيق بتوقيع الموقف على كتابة غيره وإقراره بما فيها: وهو غالبًا بسبب رغبة الواقِف في تحرير الوقف ممن هو أكثر خِبرةً منه، أو لعَجْز الواقف عن الكتابة، أو استثقاله لها؛ فيُوكل مَن يَكتُب له الصيغة، ويُقِرُّه عليها عبر التوقيع على ما في مضمونها.
وقد نصَّت لائحة تنظيم أعمال النِّظارة على وجوب تسجيل الوَقْف بالطريق الرسمي التي سيأتي بيانها؛ وذلك في المادة الثامنة، وبيَّنت أن عدم التسجيل يُعَدُّ مخالفة قانونية.
ثانيًا: التوثيق الرَّسمي: وهو التوثيق عند الجهة المختصَّة بالتوثيق نظامًا.
وعبْر التاريخ الإسلامي، يُعَدُّ القاضي هو الجهة الرسمية بتوثيق الوَقْف، وقد سارتْ على وَفْق ذلك التشريعاتُ في المملكة العربية السعودية، وقد تمثَّل ذلك فيما نظمَّه نظامُ المرافعات الشرعية ونِظام القضاء، فقد خصَّص للأوقاف دوائر خاصة ضِمن محكمة الأحوال الشخصية.
وبعد صُدور نظام التوثيق انتقل اختِصاص توثيق الأوقاف إلى كتابات العَدْل بنَصِّ المادة الحاديةَ عشرةَ من النظام، ويُستثنى من ذلك بعض الحالات التي يكون فيها وارثٌ قاصِر أو غائب، فإن اختصاص التوثيق يكون لدى محاكم أو دوائر الأحوال الشخصية بنص المادة الثانيةَ عشرةَ من نظام التوثيق.
<>أهداف التوثيق:</>
- إثبات وَقفية الأعيان الموقوفة، وأنها انتقلت -نِظامًا- من ملك الواقف إلى شخصية الوقف الاعتباريَّة، ووجوب تمليك تلك الأصول للوقف بالتهميش على صكوك العقارات وتعديل ملاك أَسْهم الشركات ونحو ذلك.
- إثبات شرط الواقِف في مصارف الوقف.
- إثبات شرط الواقف في النظارة وأحكامها.
إجراءات ما قبل التوثيق:
- التحقق من هُويَّة الواقِف، أو الوكيل بموجب صكِّ الوكالة.
- التحقُّق من مشروعية صيغة الوقف.
- التحقُّق من تملك الواقِف للوقف المراد إثباته.
- التحقق من سجل الأصل الموقوف وخُلوِّه مما يمنع من إجراء التسجيل.
- التأكد من أن جهة الوَقْف داخل المملكة العربية السعودية.
- التحقق من كون نشاط الوقف مشروع وغير مُحرَّم شرعًا ولا ممنوع نظامًا([6]).
يلزَم الراغب في الوَقْف أن يتقدَّم إلى كتابة العَدْل عبرَ بوابة ناجز الإلكترونية لتوثيق الوقف، وتكون الإجراءات على النحو الآتي([7]):
- يُقدِّم الواقف أو وكيله طلبًا إلكترونيًّا عبر بوابة ناجز يتضمن كلَّ البيانات المتعلقة بالواقف والعَيْن الموقوفة والمصارف والنُّظَّار.
- تعمَل كتابة العدل بتدقيق البيانات المقدَّمة، فإن وجدت ملاحظات ردَّ المُدقِّقُ الطلَب مع بيان السبب وطلبات التعديل.
- إذا عُولِجت الملاحظات أو لم تُوجد ملاحظات ابتداءً يُسند الطلب لكاتب عدْل لتوثيقه.
- يتواصل كاتب العدل مع مُقدِّم الطلب، سواء أكان الواقف أو وكيله للتأكد من صحة ما ورَدَ فيه.
- يُصدِر كاتب العدل وثيقة رسمية إلكترونية تتضمن جميع بيانات الوَقْف المذكورة في الطلب.
([1]) المادة الأولى من نظام التوثيق.
([2]) انظر عبدالله بن محمد بن خنين، بحث مقدم ضمن ندوة الوقف والقضاء لعام ١٤٢٦هـ، الأصول الإجرائية لإثبات الأوقاف (۷).
([3]) أحمد مبارك سالم، توثيق الأوقاف ونماذج من الحجج (۳۹).
([4]) المُغني (١٩٠/٦).
([5]) الاختيارات الفقهية من فتاوى بن تيمية (۱۹۰).
([6]) انظر: الأصول الإجرائية لتوثيق الأوقاف (۳۳).
([7]) برجع إلى رابط خدمة توثيق الأوقاف في موقع ناجز التابع لوزارة العدل.